جذوة العاطفة
نحن إذا ما أحببنا أمرًا فرغنا له حيزًا كبيرًا من الوقت والاهتمام والمعاهدة، وجعلنا له أولوية فوق كل الأولويات، هكذا نستجيب إلى ما يمليه علينا الشعور ، وهذه المشاعر بدورها تحرك العقل وتستحثه بالفكر والتدبير كي يشبع هذه الحاجة الشعورية فيصدر الفكرة تلو الأخرى لتحقيق هذا الأمر ويتمه.
العاطفة إذا اتقدت حركت الفكر التي يستحث الفعل ومن شاء أن يقدم على عمل خير يطلبه، وحالت دونه العزائم، فليحرك عاطفته تجاهه فإن لحظات الانفعال ترسم اتجاه السلوك،
ولو تأملنا كثير من هداية الخلق والاستقامة، لوجدنا أن المحرك الأول الذي دفعهم لسلوك هذا الطريق بتوفيق الله هو موقف أو حدث أشعل جذوة الإيمان في قلوبهم، وكان الدافع لما بعده من سلوك.
وقد قيل:
( العاطفة جذوة في القلب، إذا ما أصابتها نفخة تأججت نارًا )
والجذوة تتأجج عن طريق منافذ القلب، ألا وهما السمع والبصر، لما يلقي الإنسان سمعه لأحسن الناس قولا وخبرا ، ويرمي ببصره لما جرى ويجري في الكون ولمن حوله من الخلق ويعايش الأحداث وتجارب الناس بتفكر وتأمل، فإن هذا يترك شيء بداخله ولابد.
وينبغي هنا أن لا نعول على الشعور وحده للوصول إلى البغية، فالاستغراق في العاطفة دون ضابط يهوي بالمرء إلى مزالق كثيرة، ولربما دفع إلى سلوك مخالف للمبادئ والقيم، فتكون العاطفة حجاب تحول بينه وبين إدراك الحقائق والمآلات.
لهذا نحن بحاجة إلى وعي بحركة الشعور لنوجهه بالاتجاه الذي نريد، فهو بمثابة الشرارة الأولى التي لا تلبث أن تنطفئ إذا لم يسوّر بأسوار العلم الراسخ ضد الرياح.
فإن ما نرجو أن نحققه من سلوك ونأمل أن يكون عادة مستدامة لابد له من علم متين يثبته وإلا كان سلوكا عابرًا سرعان ما ينقضي إذا خبت وهج الجذوة.
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!