عبء ما قبل البدء

 

في بعض الأيام، تشعر بالإرهاق قبل أن تشرع في أي شيء، وكأن مجرد التفكير في ما ينبغي فعله يستنزفك أكثر من الفعل نفسه.

تتثاقل لا لأن المهام عسيرة، بل لأنك استهلكت طاقتك في تصوّرها، واستباق مشقّتها، وتخيل عثراتها قبل أن تقع.

كثير من الأعمال لا تُرهقنا حين نؤديها، بل حين نُطيل التفكير في كيفيتها: نُفكّر في تفاصيلها، وفي الوقت الذي ستأخذه، وفي العقبات التي قد تصادفنا، فتغدو ثقيلة في الخيال، مع أنها يسيرة في الواقع.

وقد يُرهق الإنسان من التخطيط الذهني أكثر مما يُرهقه الإنجاز نفسه، لأن العقل حين يُشغل بالاحتمالات والمآلات والسيناريوهات، يستهلك طاقته قبل أن يخطو خطوة واحدة.

وهكذا… لا يكون التعب من العمل، بل من الدوران حوله، ومن شدّ الحبال الخفية بين الحماسة والتردد.

بينما الحقيقة أن كثيرًا من الأعمال، لو أُعطيت وقتها بهدوء، ومضينا فيها دون هذا العبء الذهني، لتمّت بسلاسة، وربما بسرور.

فالمشكلة في الغالب ليست في حجم العمل، بل في التردّد حوله، في أننا نُطيل الوقوف على العتبة، ونستهلك أنفسنا قبل دخول الباب.

ولهذا، فالخطوة الحقيقية ليست في الإنجاز فقط، بل في كسر طوق التردد، وتحرير العمل من أسره الذهني.

وما أكثر ما يُنجز حين نكفّ عن التفكير المفرط… ونبدأ.

اقرأ مقال العودة الهادئة

 

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *